إحياءا للذكرى الثانية عشرة لوفاة المناضل عبد الرحمان شناف الذي وافته المنية يوم 20 دجنبر 2005 قام المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم وعدد من المناضلين والمناضلات بوقفة ترحم على روح الفقيد بمقبرة الشهداء في الدارالبيضاء وقد حضر هذه المناسبة أعضاء المكتب الوطني للنقابة بتقدمهم الكاتب العام الأستاذ صادق الرغيوي وعدد من الرواد ومؤسسي النقابة وأفراد من عائلة الفقيد، كما حضرها رئيس التضامن الجامعي المغربي الأستاذ عبد الجليل باحدو والمدير التنفيذي للجمعية الأستاذ مبارك مباركي وعدد من مناضلي التضامن.
وسبق للتضامن الجامعي المغربي أن عقد دورة مجلسه الوطني بسطات سنة 2014 تحت اسم « دورة عبد الرحمان شناف » وألقى أثناءها الأستاذ عبد الجليل باحدو كلمة نعيد نشرها بهذه المناسبة .
دورة عبد الرحمان شناف
إن الرجل الذي نعقد دورة مجلسنا هاته تحت اسمه غني عن كل تعريف، فهو مناضل وطني ونقابي متمرس وتضامني منذ ريعان شبابه، حمل بعد التحاقه بمهنة التدريس لواء الدفاع عن مصالح الأسرة التعليمية والذود عن كرامتها. لقد عرف التضامن الجامعي المغربي عبد الرحمان شناف منذ الستينات مراسلا لمؤسسته الابتدائية سيدي عبد الكريم بآسفي، كما عرفه مناضلا على صعيد الدار البيضاء في ظروف عصيبة، هي سنوات الرصاص التي تميزت بالاعتقالات والنقل التعسفي والتوقيف والطرد، وقد نال المرحوم نصيبه من كل هذه الممارسات التعسفية، ولم يحل ذلك دون استمراره في دعم العمل التضامني وإرساء أسسه على قواعد متينة.
إن شناف من هؤلاء الرواد الذين كانوا يعملون في صمت وتواضع، تميز بين رفاقه بعمق حسه الاجتماعي وجمعه بين الاقتناع والالتزام والصدق والمسؤولية والمرونة التي لا تفرط في المبدإ، كان شناف يجسد بحق هوية جمعيتنا، فهو في كل مجالات نضاله لمن يتوقف عن الدفاع عن كرامة أسرة التعليم والعمل على استعادة مكانتها الرمزية داخل المجتمع وانتزاع حقوقها المادية التي تم هدرها لفترة طويلة. يجسد أيضا هويتنا في احترامه للأخرين، إذ كان في نشاطه يحسن الاستماع إلى مختلف الآراء ويحاول أن يوفق بينها في إطار من الاحترام المتبادل دون مزايدات أو حسابات ضيقة، وكان أحد المدافعين عن حرية التعبير عن الرأي، معتبرا أن ضمان حق المعارض من موقع الأقلية يقوي رأي الأغلبية إن كان يصدر عن قناعة وصدق.
ولا شك أن أسرة التعليم ستذكر له ما قدمه من تضحيات في العديد من المحطات من أجل إصلاح أوضاع المدرسين والمدرسات، حيث يعتبر الفقيد، بعد أن تحمل المسؤولية على الصعيد الوطني، أحد مهندسي الاتفاقات التي أثمرت في الثمانينات إخراج النظام الأساسي ومراجعة نظام التعويضات ثم التعديلات التي ألحقت بها في التسعينات وتوقيعه على الاتفاق الملحق لتسوية أوضاع أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي ومساهماته البناءة في اللجنة الخاصة بإصلاح التعليم.
كان شناف مناضلا سياسيا ونقابيا وجمعويا، ولكنه لم يكن متعصبا ولا منغلقا ولا حلقيا، فقد كان منفتحا على كل التيارات والحساسيات، عمل باستمرار على وحدة الصف في التعليم في ظروف عصيبة مليئة بالصراعات والمؤامرات على هذه الوحدة، وبإيمانه واقتناعه بالعمل الوحدوي، وبوعيه المتقدم ونظرته الثاقبة للأفق بغاية إنجاز الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في تحقيق مصالح أسرة التعليم، عمل على إحكام التنسيق بين المكونات المؤطرة لأعضاء الهيأة التعليمية متمسكا بما هو جوهري ومتجاوزا إشكالات التاريخ وقضايا متعددة ليس أقلها الحسابات الضيقة. إن الإخوة الذين سمحت لهم الظروف بالتعرف عن قرب على عبد الرحمان شناف يشهدون له، وبالإجماع، على دماثة خلقه وصدقه وصفاء سريرته والتزامه وتواضعه وتعففه، فلم يكن متهافتا ولا متطلعا للمسؤوليات، بل كانت المسؤوليات تفرض عليه فرضا من طرف إخوانه ورفاقه.
إننا ونحن نعقد دورتنا تحت اسم هذا المناضل الفذ، فما ذلك إلا بعض الاعتراف بمكانة الرجل في الساحة التعليمية بصفة عامة، وفي جمعيتنا، وامتنان لما قدمه من تضحيات في سبيل كرامة أسرة التعليم.
الذكرى الثانية عشرة لوفاة عبد الرحمان شناف، الذاكرة والرهانات