البيان الختامي للمؤتمر الوطني الثالث عشر

البيان الختامي للمؤتمر الوطني 13 – 21 و22 يونيو 2023

 

 البيان الختامي

عقدت منظمة التضامن الجامعي المغربي مؤتمرها الوطني الثالث عشر يومي 21-22 يونيو 2023 بمجمع مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، تحت شعار: « متضامنون من أجل كرامة أسرة التعليم ومدرسة عمومية حداثية ذات جودة »، في سياق مجموعة من التحولات والتحديات والإكراهات التي تعيشها المدرسة العمومية، والمشاكل التي تعانيها أسرة التعليم.

حضر أشغال الجلسة الافتتاحية ممثلو وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والهيآت النقابية وجمعيات المجتمع المدني الشريكة وفعاليات تربوية صديقة المنظمة.

نحن متضامنون من أجل كرامة أسرة التعليم، لأننا نؤمن بأن نجاح أي إصلاح تعليمي يتوقف، إلى حد كبير، على الاهتمام بالعنصر البشري من أطر إدارية وتربوية، والعناية بكافة أوضاعهم المادية والاجتماعية، بما يساعدهم على أداء رسالتهم النبيلة، وتجويد العملية التعليمية. إن العناية بأعضاء هيأة التعليم، تقتضي توفير الأجواء المناسبة والمريحة لكي يؤدوا مهامهم في ظروف تصان فيها كرامتهم وصورة المهنة، ومنحها الاعتبار الذي تستحقه داخل المجتمع.

نحن في منظمة التضامن الجامعي المغربي، ندافع عن أعضائنا كلما تعرضوا للاعتداء أو الإهانة، خلال ممارسة مهامهم، ومن ثم، كان لنا اهتمام بدراسة العنف الممارس في الوسط التعليمي، وقمنا سنة 2019، بدراسة علمية ميدانية، تعد الأولى من نوعها في هذا المجال، تقدم نتائجها تشخيصا موضوعيا لجانب واحد: للعنف الموجه ضد الهيأة التعليمية بالمغرب، وأثبتت الدراسة، أن الأمر لا يتعلق بظاهرة، كما تشير إلى ذلك بعض الصحف التي تركب على الأحداث في المدرسة، للمس بكرامة الهيأة التعليمية، والتطاول على قدسية المدرسة العمومية.  ونعتقد أن معالجة قضية العنف في الوسط المدرسي، معقدة ومتداخلة؛ تتطلب إعادة النظر في السياسة التعليمية بصورة جذرية، على أن العمل البيداغوجي، يشكل أهم وقاية من العنف المدرسي، حيث يساهم المدرسات والمدرسون، من خلال المواد التي يدرسونها، في تكوين المواطنين علميا وعمليا، وتربيتهم على الحرية والتعايش، واحترام الرأي والرأي الآخر.

نحن متضامنون من أجل مدرسة عمومية حداثية ذات جودة؛ لأنه من البدهيات المتعارف عليها عالميا اليوم، أن مستقبل البلدان تحدده أنظمتها التعليمية، وقدرتها على الإعداد الجيد للأجيال المقبلة لمواجهة تحديات الغد. ومن ثم، فإن مستقبل المغرب يتحدد في مدرسته؛ فهي المؤهلة لصنع الاستقلال الحقيقي للمغرب، الاستقلال العلمي والاقتصادي والثقافي، إذ التعلم الجيد هو الشرط الأول لتحقيق التنمية المستديمة، ومواجهة التحديات التي تطرحها العولمة الاقتصادية؛ التي تتزايد فيها أهمية اقتصاد المعرفة في عملية التنمية، والتي ترتبط عضويا بحجم الاستثمار المخصص للمعرفة، والموارد الموجهة لضمان جودة التعلم. ولذلك، لا ينبغي النظر إلى المدرسة على أنها عبء مكلف، بل هي استثمار ضروري للأمة، كما أن ما يجري في المدرسة جد حاسم بالنسبة إلى الأطفال والمجتمع نفسه؛ فهي التي تعد كل مواطن لتحقيق ذاته، وامتلاك الأدوات المعرفية والروح النقدية، وملكات الحكم على الأشياء، واختيار التكوين الذي يعد للحياة المهنية التي يرغب فيها، على أن من أهم ما تقوم به المدرسة، هو تشكيل الهوية، والقيم المشتركة التي تصنع الوحدة الوطنية، وتخلق قاعدة ثقافية واسعة تهيء للعيش المشترك، وتعزز مفهوم المواطنة والاعتزاز بها والالتفاف حولها، وهو ما يستدعي إعادة النظر في البرامج والمقررات الدراسية، بما يتوافق مع التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان التي صادق على مواثيقها.

إن المغرب في حاجة إلى مدرسة تملك القدرة على ترسيخ الفكر النقدي الخلاق، وخلق مساحات الحوار، والاهتمام بقضايا الإنسان، وتطوير الوعي بالمواطنة تربويا، وإلى دمقرطة الحياة المدرسية، فهما ووعيا وممارسة، بجعل المجتمع المدرسي يفعل الديمقراطية في ممارسته وحياته اليومية في جميع ما تحفل به المؤسسة التعليمية من أشغال وبرامج وأنشطة وفعاليات… فإذا كانت المدرسة اليوم هي صورة للمجتمع الذي نعيش فيه، فإنها في الوقت نفسه، نقطة انطلاق المجتمع الذي نتطلع إليه ونرجو رؤيته غدا، فمستقبل الشعوب بما تعد من أجيال قادرة على العطاء، والابتكار، والإبداع، والحلم والأمل.

إن اختيارنا لشعار مؤتمرنا هذا: « متضامنون من أجل كرامة أسرة التعليم ومدرسة عمومية حداثية ذات جودة »، نابع من إدراكنا، أن أي إصلاح للتعليم يقتضي إحداث نهضة تربوية حقيقية، بتوفير مناهج متجددة، وموارد بشرية مؤهلة ومحفزة، وحكامة ناجعة، ذلك أننا نعتقد أن المسألة التعليمية في المرحلة الراهنة، مسألة مصيرية ومحورية باعتبارها رافعة للإصلاحات الديمقراطية، والسياسية، والمؤسساتية، وباعتبارها قطب الرحى في أي تصور استراتيجي عام، أو خطة طويلة الأمد، يراد بها بناء دولة الحق والقانون، والمؤسسات القوية القادرة على حوكبة التدبير بما يخدم المواطنين، ويحقق مجتمع العدالة والمساواة والرفاه. كما نثمن عاليا حركة التغيير ومسيرة الإصلاح التي تقودها الأجهزة المسيرة للتعاضديات؛ من خلال الإنجازات التنظيمية، والأوراش المفتوحة التي تستجيب لتطلعات المنخرطات والمنخرطين، في الارتقاء بالخدمات الصحية والاجتماعية، وأساسا، تقريبها وتجويدها، والحفاظ على المكتسبات التي حققتها لصالح أعضاء أسرة التعليم.

لقد قدم أعضاء  منظمة التضامن الجامعي المغربي تضحيات كبرى في سبيل الدفاع عن التعليم وأسرته، وتعزيز قيم التضامن، وإشاعة ثقافة التنوير والحداثة، وكل ذلك في ظروف عصيبة؛ حيث واجهوا بصمود أوقاتا مخيفة، تميزت بالاعتقالات، والنقل التعسفي، والتوقيف، والطرد.

من هنا، كان المؤتمر مناسبة للتأكيد على الثوابت التي ناضلت من أجلها منظمة التضامن الجامعي المغربي، منذ تسعة عقود من تأسيسها، لاستعادة مكانة أسرة التعليم الاعتبارية، كما جسدها شعار المؤتمر النابع من إدراك المنظمة أن أي إصلاح للتعليم بالمغرب يتطلب إصلاحا تربويا شاملا، ومناهج حديثة تكرس مبادئ الديمقراطية، وتشيع قيم العدالة وتكافؤ الفرص، مع تفعيل الحكامة المؤسسة على ربط المسؤولية بالمحاسبة.

هذا، وقد انكب المؤتمر، ضمن ورشاته الموضوعاتية، على مناقشة مقترحات مشاريع تتعلق بالخطة الاستراتيجية للمنظمة، وآليات تنمية العضوية، وتطوير الإعلام والتواصل والشراكات، وتعديل القوانين بغية تجويدها. كما عرفت أشغال اللجان نقاشا جادا عميقا ومسؤولا، أفضى إلى مقترحات وتوصيات تستحضر انخراط منظمة التضامن الجامعي المغربي في مختلف الإصلاحات التي تشهدها منظومة التربية والتكوين، نسجل من أبرزها:

1- تثمين المنظمة لمضامين النموذج التنموي الجديد، الذي تبنى مقترحات ساهمت بها الجمعية، وضمنتها رؤيتها للتعليم وإصلاحه، وأهمها:

* اعتبار التعليم استثمارا وخدمة عمومية مجانية؛

* اعتماد مدرسة عمومية وحيدة مفتوحة أمام الجميع، تستند إلى المساواة وتكافؤ الفرص والجودة؛

* رفض خصخصة التعليم التي تساهم في تعزيز الفوارق الطبقية؛

* ضرورة ربط المشروع التربوي بالديمقراطية والتنمية، في إطار مشروع مجتمعي شامل، يحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، ويرسخ مجتمع الحداثة والمعرفة؛

* القطيعة مع المناهج التي أثبتت فشلها، والطرائق غير الناجعة في التلقين والتكوين، وإرساء أنموذج تعليمي يقوم على تنمية الفكر، وطرح السؤال، وصقل الحس النقدي، وتشجيع الإبداع، وتحصين الأجيال من الظلامية الفكرية والانغلاق؛

* توقف نجاح أي إصلاح على الاهتمام بالعنصر البشري وتأهيله، من أطر تربوية وإدارية، وتحسين ظروفهم المادية والمعنوية، وإشراكهم في كل القرارات التي تهم تدبير الشأن التربوي، وصون صورة المهنة، ومنحها الاعتبار الذي تستحقه داخل المجتمع.

2- موقف المنظمة المندد من تنامي مختلف أشكال العنف المعنوي والمادي الممارس على الأسرة التعليمية؛

3- إدانتنا لحملات التشهير الممنهجة التي تقوم بها  بعض وسائل الإعلام، تجاه رجال ونساء التعليم؛

4-  تأكيد مواقف المنظمة الثابتة من المدرسة العمومية ومن دمقرطتها وجعلها حداثية ذات جودة؛

وقد صادق المؤتمر على مختلف هاته التوصيات بالإجماع.

إن المؤتمر الوطني الثالث عشر لمنظمة التضامن الجامعي المغربي يعد محطة مشرقة في تاريخها، تعميقا لمبادئها، وتكريسا لقناعاتها، وإشاعة لروح التضامن بين جميع مكونات الأسرة التعليمية، بفضل جهود مراسلات ومراسلي المنظمة وتضحياتهم، وجميع المتضامنات والمتضامنين بمواقع مسؤولياتهم المختلفة محليا وإقليميا ومركزيا، وكذا الأدوار التآزرية والترافعية القوية لمحامي المنظمة بمختلف أقاليم المملكة.

وإذ يتوجه المؤتمر الوطني الثالث عشر بالتحية الصادقة والتقدير الخالص لأعضاء الأسرة التعليمية، فإنه يثمن عاليا أدوارهم الطلائعية في تربية الأجيال الصاعدة وتكوينها، تحقيقا لتنمية مستديمة، وإقامة مجتمع العدالة والديمقراطية والمساواة.

 

الجلسة الافتتاحية

الأستاذ عبد الجليل باحدو رئيس التضامن الجامعي المغربي

اعضاء المكتب الوطني لمنظمة التضامن الجامعي المغربي المنتخب خلال المؤتمر الوطني الثالث عشر

 

جانب من الحضور

حضور الفعاليات التربوية

الأستاذ عبد الجليل باحدو  رئيس منظمة التضامن الجامي المغربي يتلقى هدية تذكار من الأستاذ خليل غول الكاتب الإقليمي السابق بوجدة

 

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *