يتابع التضامن الجامعي المغربي بدقة ما تعرفه الساحة التعليمية هذه السنة من توتر واحتقان بسبب الملف المطلبي للهيأة التعليمية الذي مازال يراوح مكانه، وكذا وضعية الأساتذة الجدد الذين يطالبون بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية، مما أدى إلى تنامي احتجاجات الهيئة التعليمية والمسيرات والاعتصامات والإضرابات التي أدت إلى هدر الزمن المدرسي لتلاميذ المدرسة العمومية، وضرب حقهم في التعليم .وأمام هذه الأوضاع المقلقة واجهت الحكومة هذه المطالب المشروعة باستخدام العنف والاعتداء بالضرب ضد اطر التربية والتكوين الذين يعبرون عن مطالبهم بتظاهرات سلمية بعيدة عن العنف والتخريب، وقد أسفر التدخل العنيف للقوات الأمنية لفك الاعتصامات ومواجهة المسيرات عن عدة إصابات وكسور وإغماءات في صفوف المحتجين، حيث نقلت حالات عديدة متفاوتة الخطورة إلى قسم المستعجلات.
إن التضامن الجامعي المغربي، الذي ناضل على امتداد ثمانية عقود ونيف دفاعا عن شرف مهنة التعليم وكرامة المدرسات والمدرسين، لا يسعه إلا أن يندد بهذه الممارسات الحاطة بكرامة الهيئة التعليمية، والمنافية لتوجهات الدستورالضامن للحقوق والحريات والسلامة الجسدية للمواطنات والمواطنين ويعتبرها ممارسات، لا تحط فقط من الكرامة الإنسانية للعاملين بقطاع التعليم، بل تدل على غياب التقدير الواعي للأوضاع الاجتماعية الداخلية والمحيط، والذي يستدعي اعتماد الحوار والإشراك في اتخاذ القرارات والتصدي للمشاكل التعليمية بالحصافة والحكمة وبعد النظر، تقديرا لدور الهيئة التعليمية في إصلاح منظومة التربية والتكوين والمساهمة في بناء النموذج التنموي الجديد.
كما يرى التضامن الجامعي المغربي أن استخدام العنف في وجه الاحتجاجات السلمية للهيأة التعليمية إهدار للمكاسب التي تحققت في مجال حقوق الإنسان في العقد الأخير، كما أنها تتنافى مع السياسة المعلنة عن إصلاح منظومة التعليم، وتثمين أدوار المدرسين والمدرسات واستعادة اعتبارهم المفقود.
وبخصوص الأساتذة الجدد ،فان التضامن الجامعي المغربي على وعي بأوضاعهم المقلقة، لذلك يدعو إلى توفير مزيد من الضمانات القانونية والإدارية التي تقنعهم بأمنهم الوظيفي، واستقرارهم المادي والمعنوي عبر حوار وطني بحضورهم وحضور جميع الأطراف المعنية بالملف والفعاليات الاجتماعية والحقوقية، وضمان تكوينهم تكوينا جيدا يمكنهم من المساهمة في تحقيق جودة التعليم، وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية وتحسين صورتها داخل المجتمع، اعتقادا من التضامن الجامعي المغربي أن معالجة القضايا التعليمية ينبغي أن تمر عبر مناقشتها بالحوار الهادئ والإنصات لصوت العقل والمتضررين واستحضار مصلحة الوطن، وليس باللجوء إلى إخراس أصوات الاحتجاجات المشروعة بالعنف، أو سلب المكاسب القانونية والاجتماعية والسياسية التي حققها الشعب المغربي أوإلغائها أو تجاهلها.
ولا شك أن احترام أسرة التعليم من خلال تقدير جهودها النبيلة، وتفهم مطالبها وتطلعاتها إلى أوضاع حياتية أفضل، يعطي وحده المشروعية للدعوات المتكررة إلى إصلاح منظومة التربية والتكوين .
التضامن الجامعي المغربي
26 مارس 2019