مراكش تحتضن الملتقى الثاني لنساء التضامن الجامعي المغربي يومي 25 و 26 مارس 2017

حليمة شاكر – مراسلة التضامن الجامعي المغربي بمراكش.

أسدل الستار يومه الأحد 26 مارس الجاري على أشغال الملتقى الثاني لنساء التضامن والذي نظمه التضامن الجامعي المغربي بمدينة مراكش بدار المدرس يومي السبت والأحد 25 و26 مارس 2017 تحت شعار “الوساطة لتعزيز ثقافة التضامن بالمدرسة العمومية”؛ حيث استفادت حوالي 47 مشاركة عضوات المكتب الوطني والمكاتب الإقليمية ومراسلات التضامن من مجموعة من الورشات التكوينية التي تضمنها برنامج الملتقى. وبعد الكلمة الترحيبية بالحضور الكريم التي قدمتها الأخت مونية بالقاضي، منسقة لجنة المرأة في التضامن الجامعي المغربي، والتي عرضت أيضا محاور برنامج الملتقى، استهلت ذة ملغاغ أشغال هذا الملتقى بفتح حوار مع الحاضرات للتمكن من صياغة قواعد مشتركة تسمح بالسير الجيد والأمثل للتكوين طوال يومي الملتقى. لتقترح ذة ملغاغ مباشرة بعد ذلك متابعة شريط تحت عنوان “بذور الوساطة” يستعرض نموذجا للوساطة تم توضيبه من قبل إحدى الجامعات البلجيكية ؛ وقد تم اعتماده من قبل ذة ملغاغ بغية استنباط آليات القيام بالوساطة بين المتنازعين بدءً باستقبالهما، مرورا بتحفيزهما على تقبل بعضهما البعض، وصولا إلى تمكنهما من إرساء تعاقد للتفاعل المدني تجاوزا لكل أشكال العنف.

بعد ذلك، ومن خلال تسليط الضوء على مثلث ماسلو (Maslow) الذي يستعرض مستويات مختلف حاجيات الإنسان سواء في وجوده الذاتي أو العلائقي، تمكن المؤطر مسافري من الوقوف عند أهمية منح الأولوية للمعطيات النفسية في تدبير الخلافات، فعادة ما تترتب هذه الخلافات عن عوامل عدم تقدير “الغير” من قبل “الأنا” وعدم مراعاة مطالبه وحاجاته النفسية، ليخلص إلى أن رسم مسار التدبير الأمثل للصراع يقتضي بداية الوصف (Description) الموضوعي لوقائع النزاع وحيثياته، ثم الوقوف عند المكانة التي ينبغي أن تحظى بها المشاعر والعواطف (Emotions) لفهم طبيعة النزاعات، وبعد ذلك تبين الحلول (Solutions) الممكنة الكفيلة بإرضاء طرفي النزاع معا، وأخيرا استخلاص النتائج والعبر (Conclusions) التي يتم اتخاذها نبراسا لتجنب كل نزاع محتمل. وقد بين ذ. مسافري أن هذه الآلية في تدبير الخلافات قد عرفت بالصياغة الرمزية التالية: (DESC).

فيما بعد، عرض ذ. بوبيل مقطع شريط بصري لتوضيح مقومات التواصل غير العنيف (Communication non-violente) بالاستناد إلى أعمال الباحث والسيكولوجي الأمريكي مارشال روزنبرغ (Marshal Rosenberg)، حيث تطرق هذا الشريط إلى أربع كيفيات تواصلية، اثنتان منها تعكسان ردود فعل العنف، مرة على شكل عنف برّاني تجاه الغير ومرة عبارة عن عنف جوّاني تجاه الذات، وتم الرمز إليهما بردود فعل الحيوان “ابن آوى”؛ في حين كيفيتي التواصل الأخيرتين مرتبطتين ب”الزرافة” يستبعدتان كل صيغ العنف لكونهما يسلطتا الضوء على ما يضمره فعلُ العنف من مطالب يرجى الاستجابة لها، ومن نقصٍ في حاجة إلى تلبية؛ فالاندفاعات العاطفية وهيجان المشاعر التي يترتب عنها فعلُ العنف تفترض التعامل باتساع أفق الرؤية مع هذا العنف والحرص على تفهم عمل العاطفة وحركية المشاعر وهما سمتان يميزان “الزرافة”؛ ليخلص ذ بوبيل، من خلال حوار مفتوح مع الحاضرات، إلى أن الغاية من وراء عرض أشكال التواصل هاته تكمن في إبراز أن الوساطة تقوم على الاستيعاب الواعي لمقتضيات الحوار العقلاني والمتمثلة في التعبير الصريح عن العواطف مع الدفاع  المسؤول عن المواقف بناء على حالة من التقمص العاطفي (empathie) تجاه الغير تجسيدا للتفاهم المتبادل معه.

توزع الحاضرات بعد ذلك إلى ورشات، حيث عملن، رفقة الأساتذة المؤطرين، على تبيُّن معنى الوساطة مع إدراك مقوماتها، إضافة إلى اشتغالهن بشكل مشترك على وضعيات للنزاع داخل المؤسسات التعليمية، وقد حرص المشاركات في كل ورشة على صياغة خلاصات بغية تقاسمها مع باقي المشاركات.

بعد أن أخذ الحاضرات فترة استراحة صحبة كؤوس الشاي والحلوى في نهاية فترة ما بعد الزوال، قام ذ. مسافري بتأطير مجلس للحوار الفكري الممتع والمؤنس ضمن نشاط مقهى المواطن، حيث عرض شريط خاص بتاريخ جمعية التضامن الجامعي المغربي، ليعطي الكلمة للمشاركات من أجل التعبير عن ما يخالجهن من أفكار ومتمنيات بخصوص العمل التضامني داخل الجمعية، ليقترحن بذلك أساليب تعزيز ثقافة التضامن داخل الوسط الدراسي وبين عامة نساء ورجال التعليم و التفكير بشكل جماعي في سبل تطوير عمل المنظمة و رسم خريطة طريق لتنمية العضوية داخل التضامن الجامعي المغربي. واختتمت أشغال اليوم الأول من الملتقى بسهرة فنية من تنشيط الفنان المقتدر “الصبان”، الذي أتحف الحاضرات بعرض موسيقي ملتزم، سمح لهن بلحظات من التأمل الممتع إغناءً لفكرهن وسموا بذوقهن.

تواصلت أشغال هذا الملتقى النسائي التكويني في صباح الغد بجلسة تقاسم خلاصات الورشات وتقييم عمل اليوم الأول على مختلف المستويات بغية التمكن من استدراك كل الهفوات ومن تطوير آليات اشتغال المنظمين والمؤطرين والمشاركات في هذا الملتقى، وقد أطر هذه الجلسة ّ مسافري؛ ليعرض بعده ذ. بوبيل عرضا حول بعض مقومات تعزيز ثقافة التضامن بالمؤسسات التعليمية مركزا على مبدأي “الوساطة والتعاون”، إذ توقف عند سُبل تكريس ثقافة التعاضد والتآزر بين مكونات الهيئة التعليمية من خلال إبراز مقتضيات فعليْ الوساطة والتعاون ومستلزماتهما، مشيرا إلى أنه بدون ضمان تواصل مباشر بين جميع الأطراف، تواصل مؤسس على قيم تنويرية وحداثية، وموجّه نحو خدمة الصالح العام، لا يمكن ترسيخ ثقافة تضامنية داخل مؤسساتنا التربوية.

وبعد استراحة قصيرة، توزع الحاضرات للاشتغال على شكل ورشات مع الاعتماد على تقنية قراءة وتحليل الصورة، وذلك لإدراك المعيقات التي قد تمنع مبادرات التعاون وأيضا الممكنات التي تخول القيام بها باعتبار أن التعاون بين مختلف الفاعلين التربويين سبيل تعزيز ثقافة التضامن؛ وبمجرد الانتهاء من عمل الورشات تم عرض نتائج وخلاصات كل ورشة ضمن جلسة عامة.

في نهاية الأشغال التكوينية، قدمت ذة فاطمة الزهراء العطار مجموعة توصيات عبرت من خلالها على ضرورة تفعيل دور المرأة داخل جمعية التضامن الجامعي المغربي والرفع من تمثيليتها داخل الأجهزة التقريرية، وعلى أولوية تكثيف التكوينات لفائدة نساء التضامن، كما ألقى السيد عبد الجليل باحدو رئيس التضامن الجامعي المغربي كلمة الاختتام شكر فيها الحاضرات على الجدية والتفاني في العمل وعلى تنامي دافعيتهن إلى التكوين وتطوير مهاراتهن للقيام بالوساطة التضامنية، كما عبّر عن تقديره لعمل لجنة المرأة وللدور الهام الذي قام به الطاقم الإداري من أجل تنظيم هذا الملتقى التكويني، وفي معرض شكره لكل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء المتميز تنظيما وتكوينا، توقف كثيرا عند المجهودات التي بذلها الأساتذة المؤطرون، مع تقديمه لامتنان وعرفان للأستاذة أمينة الفلكي على حفاوة الاستقبال وحرارة الترحيب، مُنْهيا كلمته بتحفيز الجميع على التعاون المشترك من أجل تحمل عبء مسؤولية تعزيز ثقافة التضامن داخل مدارسنا العمومية ومؤسساتنا التربوية.

   

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *